الجمعة، 19 أبريل 2013

يوم فى الرعاية...


كان يا ما كان و يا سعد يا كرام و ما يحلى الكلام إلا بالصلاة على خير الأنام ..
ايه ده.. هو أنا هحكيلكم حدوتة قبل النوم و لا إيه..لأ لأ اصحوا كدة معايا. ده احنا لسة بنبتدى اليوم و النوبتجية لسة فى أولها.
أيوة.. أدينى بأفتح باب قاعة المرضى أهوه..أدخل بقى برجلى اليمين.. و لا مش هتفرق كدة كدة أنا عارفة إن رجلى خضرا.. يمين بقى و لا شمال مش فارقة.
يا خبر المريض ده نايم كدة ليه ( نايم فى وضع السجود)
يا حاج.. يا حاج.. هى النومة دى مريحاك كدة
"س": يعنى هتفرق فى ايه مريحانى و لا لأ. ما أنا برضه مش هعرف أنام
-          ليه بس. طيب أهديلك النور شوية.
"س": نور.. هى جت على النور.
الممرضة: يا دكتورة.. ممكن لو سمحتى؟؟
-          هو أنا لسة استلمت..ده أنا لسة مقلتش صباح الخير.
الممرضة: معلش بس المريض ده أنا تعبت معاه و مش قادرة أستحمل تانى. أنا بنت ناس برضه.
-          اهدى بس..فيه ايه؟؟!!
الممرضة: نازل أكل فى البرتقال و هو عنده التهاب فى المعدة و ممنوع ياكله و كل ما ياكله ..يرجع و نفسه يتكرش. و يصرخ و يقول الحقونى عندى هبوط و لما أشيل من جنبه البرتقال يشتمنى شتايم فظيعة.
-          برتقال!! و ازاى يدخل الرعاية أصلا و هو ممنوع؟؟!!
الممرضة: مع المريض "ص" مفيش ممنوع.
بصيت عليه لقيته قاعد مربع رجله فوق السرير و واخد كيس البرتقال فى حضنه و جنبه اتنين ستات.
-          مين دول؟؟
الممرضة: زيارة.
-          و ازاى مدخلين زيارة دلوقتى.
الممرضة: زى ما دخل البرتقال بالظبط.
-          يعنى ايه!!
الممرضة: دلوقتى تعرفى.
قربتله و صبحت عليه.. رد عليا بصوت يقشعر له البدن و هو بيمضغ البرتقال.
-          فطرت و لا لسة؟؟
"ص": فطرت و رجعت كل اللى أكلته و هفتان.
-          معلش ده عشان عندك التهاب فى معدتك و بنديلك علاج ليه و ربنا يكرمك بالشفا ان شاء الله. بس البرتقال ده هيتعبك زيادة. بلاش منه دلوقتى عشان ندى فر
-          "ص": تييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييت
عفوا للقراء بس الرقابة لا تسمح بنقل الكلام اللى قاله. ده غير ان صورتى هتتهز..قصدى هتقع
اممممممممم بصوا..هو من الآخر كدة. أنا اتبهدلت
و كملت البهدلة و الشتايم من الاتنين ستات اللى كانوا قاعدين اللى طلعوا زوجاته لما قلت ان ممنوع الدخول فى غير مواعيد الزيارة. و طبعا هم مش بيتكلموا بلسانهم بس.
و محدش يسأل هو الأمن فين.
و فشلت كل محاولات تهدئته
و محدش فيكم يفكر تهدئة مين..و يقول هو مش بيهزئك برضه و انت واقفة تهديه و الكلام ده. أيوة مهو أصله "مريض" و لازم " نستحمله".
و بعدين هو أساسا دلوقتى مش محتاج لحد يهديه لانه أساسا مش قادر ياخد نفسه. و وقفنا أنا و زميلى اللى كان سهران من النوبتجية اللى قبلها نعالجه لحد ما اتحسن و قام اتعدل يكمل على كيس البرتقال. سيبناه عشان استلم النوبتجية.
-          بسم الله توكلت على الله.
بعد ما استلمت دخلت حالة جديدة. مريض بجلطة فى القلب "ع" و للأسف دخل جنب المريض "ص". حظه كدة بقى. السرير اللى كان فاضى.
"ص": عايز ريموت التليفزيون.
الممرضة: حاضر.. بس المريض اللى جنبك تعبان. خمس دقايق و اجيبهولك.
"ص": تيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييت
الممرضة: لأ.. كدة كتير بقى
المريض "ع" بقى يا عينى مش بيتكلم بس عينيه بتقول كلام كتير من اللى سمعه رغم الألم اللى حاسس بيه لكن الكلام واضح انه تخطى الألم. و وجعله ودانه كمان.
و استمر وابل الشتايم بصوت جهورى لحد ما جابوله الريموت لدرجة انه خلانى لعنت فكرة ان يكون قدام كل مريض تليفزيون و اللى المفروض انه موجود عشان المريض ميزهقش انما معاه بقى وسيلة يزهق بيها كل اللى موجودين.
-          حد يوطى التليفزيون ده يا جماعة دى مبقتش رعاية مركزة.
"ص": تيييييييييت تيييييييييييييييييييييييت تييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييت
اضطريت آسفة إنى أروح لحد عنده عشان اوطيه انا..مهو مش كل مرة الممرضة تتشتم كدة.
و خصوصا إن القناة اللى كان بيتفرج عليها ممنوعة على مرضى القلب.
أيووووة..بالظبط كدة.. تخيلوا.. بيتفرج على قناة اخباريةو بث مباشر من شارع قصر العينى و رئاسة الوزراء!!!!
-          اللى بتشوفه ده لوحده يجيبلك جلطة. اذا كنا احنا بنشوفه بالعافية و ربنا يستر.
"ص": ما أنا لازم أشوفه عشان ولادى هناك.
-          ولادك هناك!!.. فعلا !!
"ص":  أيوة طبعا.
-          معتصمين هناك!!!
"ص": لا يا ست معتصمين ايه..دول هناك عشان يربوا و لاد ال تييييييييييييييييييييييييييت
-          ايه!!! ( و تحسوا انى طلعلى بلوفر و انا بقولها )
"ص": أيوة.. مهم هناك مع البشوات حبايبى. أصل ولاد ال............. دول لازم يتربوا و يت.......................
وقفت قدامه و أنا ........
مش عارفة فة حالة ذهول و لا غضب و لا...
حاجات كتير قوى حسيت بيها.. ومش عارفة أعمل ايه؟؟
المريض اللى المفروض أعالجه طلع سمسار بلطجية من اللى بيطلعوا اخواتى من الميدان جثث.
يااااااا الله....
بلعت ريقى بمرارة و سيبته و دخلت أكمل شغل مع المريض "ع" و هو استمر فى ازعاجه بالشتايم اللى بيوجهها حتى اللى فى التليفزيون و دى مش أحوال يقعد فيها مرضى حالات حرجة محتاجين للهدوء. لدرجة انى فكرت أخرجه سوء سلوك لانه مسبب ازعاج للمرضى و مخليهم مش عارفين يرتاحوا.. و طبعا احنا كدة فاهمين كلام المريض "س".
عرضت الفكرة على الأخصائية و كان ردها: حرام عليكى أخرجه إزاى.
المرضى هيموتوا من الضغط العصبى اللى هم فيه و ده قانونى و القانون ده اتعمل للمريض اللى يتصرف زيه كدة.
الأخصائية: مهم كدة كدة بيموتوا.. ايه الجديد.. هنعمل ايه بس.
و طبعا فضلنا نتجادل فى حل للمشكلة و النتيجة 1-صفر لصالح تعذيب المرضى و انتهاك حقوقهم.
و فضلت طول ساعات النوبتجية اللى الحمد لله كانت قصيرة لمدة 12 ساعة بس قضيتها فى حلزونات ما بين حد بيتشتم و حد بيتبهدل.
و كعادتى انى بحب أتابع المرضى فى النوبتجيات اللى بعدى بالتليفون عرفت اللى حصل بعدها. و طبعا كان فيه مشاهد متكررة إلا من المشهد ده.......
بعد ما دامت معاناته أيام. قرر المريض "س" إنه يقوم من سريره و يروح لحد سرير المريض "ص" و يبدى استياؤه من تصرفاته و يطالب بحقه و حق المرضى الآخرين فى الراحة.
أيوووووووة..قام و على صوته و هتف و قال: يسقط يسقط حكم المماليك.
القراء: ايه يا بنتى..انتى فى الرعاية مش فى الميدان.
-          رعاية ايه و ميدان ايه!!! هو انتوا معندكوش خلفية..اشتروا ب 3 مليم جرنال متزوقينى يا ماما و انتوا تعرفوا ان الرعاية و الميدان..ايد واحدة.
القراء: ايه !!!!
هههههههههه واضح ان "ايه" بقت ثقافة شعب مش بس ثقافة بلوفرية.
-          - ما تصحوا بقى كدة و تركزوا شوية
الرعاية و الميدان ايد واحدة
المريض "ص" و المماليك ايد واحدة
الرعاية و ال.......
القراء: خلاص يا ستى فهمنا.. و ياريتنا ما فهمنا
و طبعا مش محتاجة أقول المشهد كمل إزاى.
القراء: طيب هو المريض "س" اتكلم لوحده.. يعنى باقى المرضى.. المريض "ع" اللى فى السرير اللى جنبه فضل ساكت و صابر يعنى ؟؟؟
-          لأ طبعا.. ساكت ايه و صابر مين!!! ده خرج حسب الطلب عشان يروح مستشفى تانية.
القراء: ايه!!!!!!
-          راح يدور على "وطن".. قصدى "رعاية" يقدر يقعد فيها.
القراء: اممممممممم و بعدين.. المريض "س" عرف يجيب حقه لوحده كدة.
-          هو فى الواقع يعنى.. بعد ما أخد نصيبه من التهزيق و البهدلة. ساد الصمت أجواء الرعاية بعد ما كل مريض من المرضى التانيين .....
القراء (مقاطعين): مرى تانيين ايه.. مهو المريض"ع" خرج.
-          أيوة..أنا قصدى التانيين.
القراء: تانيين ايه؟؟!! مكانش فيه حد تانى.
-          لأ كان فيه مرضى تانيين بس مكانش ليهم أى مواقف يعنى.
القراء: آااااه مستسلمين زى المريض "ع" يعنى.
-          لأ خالص المريض "ع" مكانش بيتكلم. لكن بيبدى الاستياء الصامت. و هرب بجلده برة و خلاص. لكن المرضى التانيين بقى نايمين على سرايرهم بياخدوا علاجهم و الدنيا تضرب تقلب حواليهم و هم عااااادى يعنى. حتى لو متضايقين برضه عاادى.
القراء: ليه.. هم خرس؟؟!!
-          لأ خرس ايه.. مهم بيتكلموا.
القراء: الحمد لله.. قالوا ايه ؟؟
-          كل واحد فيهم كان ليه رأى فى اللى حصل للمريض "س" من المريض "ص".
اللى قال.. هو ايه اللى وداه هناك
و اللى قال انه واخد فيتامينات و وجبة من كبداكى
و اللى قال كان معاه روشتة خارجية
لكن كلهم كانوا مجمعين على حاجة واحدة
القراء: ايه هى ؟؟
-          يخرب بيتك خربت الرعاية
فجأة كان فيه خبط و رزع على الباب و أصوات صراخخ و عويل
ايه ده!!!..فيه ايه!!!! مفيش حد مات فى الرعاية يعنى
و طلعوا بقى ايه.. أهل الريض "س" و بيشتموا و مبهدلين الدنيا عشان المريض "س" مات
و ظهرت نفس الأخصائية اللى كانت فى أول القصة و هى مستاءة من الشتايم اللى بتسمعها و الضوضاء و الازعاج اللى مسببينه.
القراء: يا سلااااااام.. و اشمعنى دلوقتى يعنى.
-          لأ معلش.. أنا مش بتكلم فى السياسة.
القراء: تييييييييييييييييييييييييت كبيرة قوى بقى.
-          احم.. عادى ما أنا اتعودت على كدة.
القراء: خلاص يعنى كلمتنا اللى وجعتك قوى.
-          خلينا فى الموضوع.. الأخصائية معجبهاش اللى بتسمعه و قررت و قررت تعمل خروج سوء سلوك للمريض "س".
القراء: ايـــــــه !!!!
-          يادى النيلة.. هو انتوا مصرين على البلوفرات ليه
القراء: احنا بس مش فاهمين حاجة. هم كانوا عاملين المظاهرة دى و بيشتموا ليه؟! مش عشان المريض "س" مات. يبقى ازاى بقى الأخصائية هتعمله خروج سوء سلوك. و بعدين مش هى دى نفس الأخصائية اللى كانت شايفة ان حرام تخرجى مريض لسوء السلوك.
-          طيب و هو مش أنا قلت انى مش بتكلم فى السياسة.
القراء: عاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
-          اهدوا بس و أنا أفهمكم. أصل فيه أيادى خفية لولبيية عالية واصلة قوى و قدرت تجيب تليفون أهله و اتصلت بيهم و قالتلهم إنه مات و ده مش حقيقى طبعا و عليه هم اتصرفوا كدة.
-          ايه رأيكم بقى؟؟
-          ألووووووووووو.. انتوا رحتوا فين..

الخميس، 4 أبريل 2013

أنا بحبك قوى



كلمات تكتبها فتاة فى السابعة و العشرين من عمرها و هى طريحة الفراش موصل بها العديد من الأنابيب المختلفة و الأسلاك الموصلة بالأجهزة لتساعدها على الحياة لتخطى الأزمة الصحية التى تمر بها. أنبوب للتغدية و أنبوب موصل بجهاز تنفس صناعى. لا تمر عليها الا و تجدها إما تصلى و إما تقرأ فى كتاب الله عز و جل و إن أنهكت تستمع إليه من التسجيلات المختلفة لبعض القراء. و لم تكن لتفوتها صلاة.
كانت تحتفظ معها بدفتر لكتابة ما تريده كوسيلة تعبير بعد أن فقدت القدرة على التواصل باللسان بسبب الأنبوبة الحنجرية التى يستحيل معها خروج الصوت عبر الحنجرة. و كانت تلك كلمات الترحيب التى رحبت بى بها عند استلامى لنوبة العمل يومها. لا توجد من الكلمات ما تصف الشعور الذى إنتابنى. فقط أستطيع أن أقول بأن قشعريرة سرت فى جسدى من منبت شعرى و حتى أخمص قدماى. ربتت على يدها و طمأنتها رغم خطورة حالتها.
تمر الساعات و حالتها تزداد سوءا و بين الحين و الحين تنسد أنبوبتها الحنجرية و أهرع لتغييرها حتى لا تصاب بهبوط فى نسبة الأكسجين. و فى ذات مرة منهم هبط الأكسجين لمستوى لم يمهلنى لأرتدى القناع الواقى فبادرت مسرعة بتغييرها دونه. قبل أن أنتهى من دوامى أحسست بأعراض الالتهاب فى حلقى و صدرى و ما أن انتهيت و عدت إلى منزلى إلا و ارتميت على السرير و لم أستطع أن أغادره لأيام و أسابيع فقد أصبت بعدوى أثناء تغيير الأنبوبة لها دون قناع و هو خطا كان يجب على الحرص و الامتناع عنه و لكنى لم أستطع. من ضيق بالتنفس إلى بالكاد أستطيع أن أكمل جملة واحدة نتيجة الإلتهاب الرئوى. تدهورت حالتى سريعا رغم المضادات الحيوية. جاءت نتيجة المزرعة البكتيرية بأسوا الأخبار. بكتيريا من النوع العنيف و أيضا لا تستجيب لكل أنواع المضاد الحيوى. و ذلك يعنى أنه لا يوجد علاج. فما العمل؟؟ ليس بامكانى و لا بامكان زملائى عمل شئ. توقفت عن العلاج الذى لا جدوى منه .
ثم أتى خبر وفاة الفتاة. و أنا ما زلت فى معاناتى و مكثت على حالى و أنا أعلم أنه لا يوجد حل بيد بشر فلم أجد سوى الدعاء. أنا على إيمان تام بأن الدعاء هو مفتاح الحل و أن الله جل علاه لا يرد يدنا. و بعد مضى أسابيع فى صراع مع المرض تم الشفاء بحمد الله؛ و لكنى على يقين بأن دعاء تلك الفتاة هو ما أهلنى لتخطيه. و يوما ما عندما أقف أمام ربى بكتابى؛ أتمنى أن أجد ما كتبته لى فى كتابى.