الجمعة، 27 أبريل 2012

جار الساقية فى العصرية نحكى حكاوى.............. و الأفراح هتملى الناحية و يا غناوى........



لما قالها منيب و هو بيحلم بالعودة قالها وهو بيحكى عن الحال هناك بعد العودة اللى مشتاقين لها. وتعدى الأيام و السنين و حلم العودة فى قلب و عقل كل نوبى لكن عشان الحكاوى مش بتستنى و الحكاوى مالهاش زمان و لا مكان، المهم اننا بس نحكى من قلبنا و مش محتاجين غير صحبة حلوة تسمعنا؛ و عشان الآلام زادت و الحنين عشش فى قلوبنا اتجمعنا و اتكلمنا و طبعا فى وسط جزيرة فى النيل..هو احنا نقدر نعيش بعيد عنه..
 فى متحف محمود مختار كان اللقاء نوبيين و غير نوبيين و حكاوى من كل الأجيال..من اللى عاش فى القاهرة و اللى عاش فى النوبة.. من اللى شاف النوبة قبل التهجير و عاش مأساتها واللى بس سمع عنها من عمامه و خيلانه و جدوده.. الكل بيقول اللى فى قلبه و رؤيته عن النوبة فى تسجيلات مصورة..
و لا تحلى الحكاوى الا بالمشاركة..نتكلم و نسمع بعض..أدار الحديث حماده حمدى حداد و اسراء حسين و مصطفى الشوربجى باللغتين النوبية و العربية. اتكلموا عن الهجرة بين الماضى و الحاضر و ناقشوا الحضور فى واجباتنا تجاه القضية بعد ماحكوا عن تاريخ الهجرة فى نبذة سريعة. المشاركات كانت كتير و فعالة. و مكانش ناقصها غير صينية شاى بلبن النوبى بتاعنا.
و طبعا ما يتجمعش النوبيين الا و لازم يرقصوا..فى فرحهم يرقصوا و فى حزنهم يرقصوا..أصله شعب عايشها ببساطة و حب. و ما بين أصالة العود و حداثة الأورج عزفت أحلى انغام مع أجمل أصوات تغنى و ترقص على انغامهم قلوب عاشقة نسيم النيل اللى جاى من هناك..من النوبة.
ابتدينا الحفل بصوت الفنان كرم مراد اللى والدى كان بيقوللى انه و هو صغير كان بيمسك "الكوسير" و دى مقشة نوبية معمولة من سعف النخيل على انها عود و يغنى. على أنغام العود غنالنا أحلى اغانى فى وصف النوبة وارضها و شعبها.. فتلاقى أغنية بتقولك النيل بيتمشى من توشكى لكلابشة و أغنية بتوصف ريحة خبيز أمه و يختمها واصدق احساس مع مشتاقين يا ناس لبلاد الدهب.
و ييجى الفنان احمد اسماعيل بصوته الشادى يغنى عن مصر قبل النوبة يغنى عن الثورة قبل ما يغنى عن الهجرة و حواليه قلوب بترقص..حزينة لكن بترقص..قاتلها الحنين و برضه بترقص..
و يكمل المتعة الفنانين صابر و أمير حجازى و لايقف الرقص و يرجعونى لأيام زمان قبل ما تاخدنى دوامات العمل و ضغوطه. و رغم انى بطلت أرقص لسبب ما فى نفسى لكن كنت حاسة بنفس احساس كل واحد بيرقص و مشاركاهم كلهم .
و ينتهى الحفل مع أحمد اسماعيل مع اغنية يرسل فيها السلام للكل.
و لكن لاتنتهى لا الحكاوى و لا الرقص و يستمر مشوارنا
انتظرونا فى فعاليات قادمة......ليكم و بيكم  


الأربعاء، 18 أبريل 2012

هل أنت سودانية؟؟!!!


سؤال اتسألته أكتر من اسمك ايه...
و اتسألته اى واحدة نوبية عايشة على أرض مصر
مع انى متسألتش السؤال ده برة مصر
و طبعا السؤال ده بيزعل النوبيين قوى
مش عشان السودانيين وحشين و لا حاجة
بالعكس دول طيبين جدا و أقرب لعاداتنا من المصريين
و الحقيقة انى اتسألت كتيييييييييييييير قوى السؤال ده
من سودانيين.....
!!!!!!!!!!!!!!!!!
أيوة ....لكن مش بزعل لما بتسأله منهم
اشمعنى....
أصلى بتسأله لما بكون فى الجامعة و يوقفنى سودانى و يسأله
لانى عارفة انه بيسأل عشان من عاداتهم ان لو سودانى قابل سودانية فى الغربة و مسألهاش ان كانت محتاجة اى حاجة أو عندها اى مشاكل......يبقى عيب قوى حتى لو كان ميعرفهاش
كم أنت عظيم أيها الشعب السودانى
 لكن اللى يزعل بجد ان المصرى ميبقاش عارف ان ليك وجود فى البلد
يبقى شايفك من بلد تانية لمجرد ان لونك اسمر منه
مع ان عمر المصرى القديم ما كان أبيض البشرة و لا كانت عينه ملونة
مع ان مصر لونها قمحى لون نيلك يا مصر.......يااااااااااه وحشتينى يا عفاف

ماتت جدتى و لايزال قلبها يدمى



فوق الرمال الناعمة  على شاطئ النيل وجدتها تجلس تعبة تتألم ، فتعجبت ؛فما الذى أتى بها الى هنا. حاولت أن أساعدها على النهوض و لكنى لم أقوى على ذلك فانتقل احساسها بالألم الى داخلى مضاعفا. فحملت احساسها بالألم مضافا اليه احساسى بالعجز عن مساعدتها، حتى مر بنا صديق و رأى ما نحن به فتبسم و نادى على أصدقائه ليساعدوها. فطلبت جدتى منهم أن يضعوها على السرير بجانب النهر و أبت أن تذهب الى مكان آخر. فحملوها و وضعوها فى سريرها و عدلوا وضعيتها مراراها بما يجعلها أكثر راحة. فما كان منها الا أن تبسمت و دعت ربها لهم.
صحوت من نومى متعجبة لما رأيت فجدتى ماتت منذ أربعة أعوام. و المكان الذى وجدتها فيه لم أرها فيه من قبل فقد كانت تعيش فيه منذ عشرات السنين قبل أن تغمره المياه بعدما بنى السد العالى؛ و قبل أن أولد أنا و أصدقائى فى الحلم. و ما الذى أتى بهم الى هذا المكان و هو لم يعد موجودا من الأساس . و لبثت حائرة فى كل ما رأيت.
و لكن سرعان ما بدأت تنهال على رأسى كل تلك الصورللآلام التى كانت تعيش بها و الدموع التى كانت تنهال على وجنتيها عند التفكيرفيما فقدت من وطن كان بمثابة الحياة لها و لعشيرتها. فما كان النيل سوى شريان الحياة لهم بما يحمله لهم من الخير و الرزق. و كان لهم الطبيب النفسى و دواء الجروح يشكون له أحزانهم. و لا ينسونه من أفراحهم فيمشون اليه بالزفة حاملين اليه العروسان ليبارك فرحتهم، ثم يحملون اليه الوليد ليبدأ حياته منه، و نسمات هوائه التى يتنفسونها هى ما تبقيهم أحياء ليرتووا من مائه؛ و من طمى ضفافه يرزقون.
و بالطبع لم تكن الحال هكذا فى ما استبدلت به تلك الحياة. عشت معها فى قرية من قرى النوبة بالتهجير داخل ما يشبه المعسكرات. فالبيت النوبى التى عاشت فيه بطابعه المميز للحضارة النوبية و بحجراته الصيفية منها و الشتوية؛ و رسوماته الفنية التى تعكس روح الفنان التى تعيش داخل كل نوبى؛ و رائحة الأصالة التى تعطر جنباته فتزرع ذلك الحنين داخل كل من يدخل عتباته؛ لم يعد هو نفسه ذلك فقد اختزل الى حجرات متلاصقة لا يفصله عما يجاوره سوى جدار لا يحترم خصوصية اهله. دور خنقت اهلها فما عادوا يشعروا انهم فى بيوتهم.
و حظيت الأراضى الزراعية بنصيب وافر من التغيير بعدما فقدت ما يمدها بالحياة. فتجد النيل بما كان يمده من مظاهر الحياة اختفى من الصورة و ظهر مكانه ترعة صناعية يمر فيها الماء و كأنه موظف يؤدى عمله فى فتور غير عابئ بما خلق لأجله. و فقد ذلك الارتباط بالماء؛ و اقتصر فقط على تذكره فى الأغانى الحزينة التى كانوا و ما زالوا يسترجعون فيها ذكرياتهم.
و لأن ما يميزالبشر عن بعضهم البعض هو مدى تحضرهم، و الحضارة ليست فى المعمار و العلم فقط و انما فى رقى الموروثات الاخلاقية والانسانية وهو ما تفتقده معظم الحضارات و ان كانت لها تاريخ فالعلم وحده لايبنى الحضارات. و الناظر الى الفارق بين الصورتين فسيجد أنه ليس بفارق مادى و حسب، و انما فارق روحى و فارق فى عنصر هام من حياة الانسان ....انها روح الانتماء ما جعلتنى أرى جدتى بعد وفاتها بسنوات فى أحلامى لتقول لى تلك هى بلدك التى لم تريها و لم لكنك منها و هى منك..
الأصدقاء الذين قاموا بمساعدتها و مسح ألمها و رسم البسمة على شفتيها ما كانوا الا أولئك الجنود الذين عرفتهم منذ وقت قليل و لكنهم حقا اسعدونى لاعطائى الفرصة و اشراكى معهم فى القتال ضد كل من يسلبنا ضحكتنا..فأصبحت أسعد بصحبتهم فى واقعى و أحلامى....
جنود اتحاد شباب النوبة الديمقراطى...شكرا  



ذهبوا للبحث عن إنسان بدائي فوجدوا حضارة بكامل نضجها

 نقلا عن مقال شذى مصطفي-جريدة الشرق ااوسط-الخرطوم


ظل البروفيسور وليام آدامز أستاذ علم الإنسان في «جامعة كنتكي» الأميركية لسنوات، يحلم بأن يترجم كتابه الضخم Nubia, Corridor to Africa الذي نال عنه عدة جوائز، الى اللغة العربية، لإحساسه بضرورة أن يعرف النوبيون خاصة، والسودانيون عامة عظمة تاريخهم.
بالنسبة لوليام آدامز، فإن كتابه «النوبة رواق أفريقيا» هو «إنجاز عمره ومولوده الذي لا يحب سواه»، وتحقق حلمه وخرجت الى المكتبات أخيرا ترجمتة العربية، التي قام بها الدكتور السوداني محجوب التيجاني محمود أستاذ علم الإجتماع في ولاية تينسي الأميركية، حيث تفرغ ثلاث سنوات لترجمة الكتاب المكوّن من ألف صفحة، ويصفه دكتور محجوب بأنه أهم وأشمل كتاب عن تاريخ الممالك النوبية القديمة بشمال السودان والسودان ككل، منذ نشأة الحضارة الإنسانية حتى بداية العهد الوطني.
مكث آدامز في شمال السودان سبع سنوات برفقة زوجته، كان خلالها رئيسا لحملة اليونسكو العالمية، التي بدأت عام 1959الى عام 1966، لإنقاذ آثار النوبة قبل أن تغمرها مياه السد العالى بأسوان، وهي أول حملة إنقاذ منظمة من العالم، وجاءت نتيجة لدعاية هائلة نجحت في ضم أربعين بعثة، تمثل أغلب أمم العالم الصناعية، وقام خلالها والفريق الذي يقوده باكتشاف وتسجيل ما يزيد عن ألف موقع أثري.
ظلم ذوي القربى
أسرت أرض النوبة العليا ـ جنوب مصر وشمال السودان ـ بسكانها، ذوي البشرة الداكنة، خيال الإغريق والرومان، وكتب عنهم هوميروس «انهم أقسى أمة وأشد الرجال عدلا، المفضلون من الآلهة، وقرابينهم هي الأغلب تقبلا من كل تلك الضحايا التي يستطيع البشر تقديمها لهم». وجاء ذكر ملكها تهارقا في الكتاب المقدس. ومن العلماء الإسلاميين كتب عنها ابن خلدون مستعرضا تاريخها وجغرافيتها وكذلك المقريزى والمسعودي. إلا أن النصوص المصرية القديمة كانت تعامل هذه المنطقة على أنها فقيرة وغير جديرة بالحضارة، وبقيت مستغلة ومضطهدة من المصريين وفق ما شاءوا لذهبها وعاجها وعبيدها. ويعلّق البروفسور آدامز «أنه من الغريب أن علماء الآثار تأثروا بهذه النصوص الهيروغليفية وتأصّل سلوك المصريين القديم نحو النوبة في عقولهم، الى أن طغى كليا على المفهوم القديم للنوبة، كنبع منفصل للحضارة»، ولذا كانت دهشة علماء حملة اليونسكو كبيرة عندما وجدوا آثارا مختلفة لم تكن من أصل مصري. وهي من الكثرة بمكان، حيث انه بعد الموسم الأول للحفريات، وجد العلماء ما لا يقل عن أربع حقب ما كان لها معادل مصري.. فقد ذهب علماء الأنثربولوجيا للبحث عن إنسان بدائي فوجدوا «طفولة الحضارة ومراهقتها ونضجها!». ويكتب وليام آدامز «بينما كان السد العالي يسدل الستار على كتاب النوبة، كان يفتح في نفس الوقت، فصلا جديدا في دراسة آثار النوبة العليا، فعمليات البحث في بداية القرن الماضي، كانت جشعة، تبحث فقط عن القطع الفنية والكنوز، وبعدها جاءت عمليات تنقيب انتقائية عن القصور والمعابد الملكية والقبور، إلا أن حملة الإنقاذ هذه فرضت على علماء الآثار جمع أي قطعة صغيرة يعثرون عليها، وجاءت الدراسات وافية لشعب بأكمله». وقد عرف النوبيون بتلاقح ثقافتهم مع ثقافات الحضارات العالمية، فضمت الآثار الحمامات الرومانية والمعاصر، ومواد بنائية جيرية محمرّة اللون، وفخاريات بنفسجية وبرتقالية، حيث للفخار النوبي مكانه المشرّف في متاحف العالم، جنبا الى جنب مع الكتابة الإغريقية وطرائق الدفن المصرية، أما أقدم مدّون مكتوب بها فيرجع للألف الرابع ق. م، وبها من العصور الفرعونية والوثنية صروح لعبادة الآلهة، وأخرى رومانية، ثم الكنائس والأديرة وصوامع النساك المسيحيين، انتهاء بالصروح الإسلامية والمشيخات ومنشآتها التعليمية.
عمليات التهجير
يكتب البروفيسور آدامز عن عمليات التهجير، إبان فترة بناء السد العالي الذي كان رمزا لسوء الحظ الجماعي، والذي سيؤدي الى تهجير 53 ألفا من النوبة السودانيين، و48 ألفا من النوبة المصريين، وقال إن عملية بناء السدّ لم يستشر فيها الجانب السوداني. وأدّى غضب النوبيين الذين باتوا يرون التدمير الوشيك لديار أجدادهم ومصالحهم، الى إزاحة الرئيس السوداني إبراهيم عبّود عن منصبه عام 1964، وبعض الحالمين الذين كانوا يستبعدون مفارقة أرضهم، كانوا يأملون أن مياه السد لن تغمرهم، وأن المشروع لن يتم أبدا، وأن السوفييت سيخذلون المصريين، وبعضهم تمنى سرا عودة الاستعمار لينقذهم، وآخرون وصلوا لدرجة تخيل أن الإسرائيليين سوف يفجرون الخزان حال اكتماله. وعندما بدأت مياه السدّ تتسرب الى المناطق رويدا رويدا، لم يكن هناك بد من الرحيل وصارت قطارات التهجير التي تحمل آلاف السكان، حدثا يوميا مألوفا. ولم تتوقف التوديعات الأخيرة التي صحبت الرحيل الأبدي، وكتبت الأشعار الحزينة على جدران المنازل المهجورة والتي أذابتها فيما بعد مياه السدّ، لينقل النوبيون الى حلفا الجديدة، وهي منطقة بعيدة كل البعد، عما ألفوه من أشجار نخيل ونيل منساب، وفوق كل هذا حضارة امتدت لآلاف السنين.. ويتساءل البروفسور وليام آدامز، في نهاية كتابه «ترى هل سيكون هذا الشتات الذي فرض على النوبيين سببا لتوحدهم في المستقبل، كما كان مع اليهود والأرمن وأقليات أخرى؟ هل سينجحون في صون هوية انفصالية بسبب الظروف المتغيرة للقرن العشرين»؟

الأحد، 15 أبريل 2012

لا للتغيير

لا للتغيير

ركن الدمى فى محل الألعاب طالما جذبنا صغارا و كبارا فملكناها و تملكناها، و بعد حين يهملها الكبار كما حطموها صغارا؛ دون أن تترك انطباعا داخلنا. فهى على تباينها لا روح لها، ما يميزنا عنها، تلك الروح التى نعيش بها .
 و لكن.. أنعيش داخل أرواحنا.. أم تعيش أرواحنا فينا.
فكل منا يمر بدروبه الخاصة خلال رحلته. تلك الدروب التى تتشكل تبعا لخصائصه الجينية و البيئية و النفسية و ما الى ذلك. فتجدنا نتباين فى وضعنا داخل أرحام أمهاتنا فقد يخرج هذا أو ذاك عن المألوف. و حتى استجاباتنا للمؤثرات الخارجية نختلف فيها. و لكن ما نتفق عليه هو أننا لا نسمح لكائن ما كان أن يفرض علينا ما لا نريد مرغمين، و لا نكيل مكيالا بميزانين؛ و انما تبقى بساطة حياتنا داخل هذا المجتمع النقى لأن أرواحنا لم تكن قد تلوثت بعد.
و تنتهى تلك المرحلة من الرحلة لنجد أنفسنا نعبر من ذلك الممر الضيق حتى نكاد نظن أننا لن نخرج منه أبدا غير مدركين.. ماذا يحدث..
 و ما هذا الزلزال ..
 و اذ فجأة..
ماذا؟.. ما هذا؟.. أين أنا؟
و أين ذلك الماء الذى كنت أعيش فيه؟ من سلبه منى؟
و ما هذا الوسط الغريب؟
و من ثم يزأر ذلك المخلوق الضعيف.. انها أولى صرخاته.. صرخة الاعتراض التى تجعله يبدأ عملية التنفس.. تنفس الهواء الذى لن يستطيع العيش بدونه و لو لدقائق معدودة.
لقد اعترض صارخا على اجباره على الخروج من بيئته التى عهدها و انتزاعها منه بكل ما حوت من دفء الموطن الى بيئة جديدة لا يعرفها دون اعلامه مسبقا و دون رغبته؛ لتتناوله يد لا يعرف لمن هى و ما هى فاعلة به؛ لتناوله بدورها ليد أخرى لا يعرفها أيضا لتضعه على طاولة غريبة لتبدأ الاعتناء به.
و يتساءل أين أخى.. لقد كان معى طوال الوقت.. ترى هل أصابه مكروه خلال هذا الحادث.. ألا يجيبنى احد.
و ما هى سوى دقائق حتى يظهر.. فينظر اليه بعين اللهفة وينتظره ليصرخ تأييدا له فى الاعتراض على ما أصابهما.. فلم يجد منه سوى الصمت.. فقط الصمت.. و لا تظهر عليه ملامح الحياة.. و قبل ان يأتى بأى سؤال.. يجد يد الطبيب تضرب على مقعدة أخيه ليطلق صرخة واحدة تمرر الهواء عبر صدره لتعيد اليه مظاهر الحياة؛ التى لولا صرخته لما كان لها وجود.
أويموت الانسان فى أولى لحظات عمره فقط لأنه لم يهب صارخا لسلب ارادته؟
و لم توانى فى صرخته حتى اجبره عليها أحد خاضعا له؟
و تمضى الايام و لا يجد اجابات للتساؤلات التى تدور فى راسه منذ ان ولد ، حتى عازها الى فقد اخيه لنعمة النطق؛ فهو لم يسمعه ينطق طوال الوقت؛ لا فى المدرسة، و لا فى الحافلة، و لا أثناء لعبهما. حتى أتى ذلك اليوم و هما يتسابقان على الرمال حتى البحرو هو رافع رأسه يتطلع للأفق.. لما وراء البحر.. و أخاه يجرى و رأسه لأسفل ناظرا لما تطأ قدماه. فتعجب و لكنه استمر فى اللعب حتى استوقفه صوت غريب لم يسمعه من قبل ليلقى عليه ما لا تطيب له أذناه ناهيا اياه عن التطلع لما لا تصل ايه قدماه............
·       أنزل عيناك اخى فما فى الأفق سوى السراب و ستظل تمنى نفسك به دون جدوى.
فثغر فاه.. و تسمر فى مكانه..
v   ماذا؟؟؟؟؟؟...ألست اخرس؟؟؟؟؟
·       لا... من قال هذا
v   عشت معك طوال حياتى و لم أسمعك تقول شيئا.. و لمَ لم تتكلم من قبل؟
عندئذ قطع حذاء أخيه من حجر تعثر فيه، فأكمل طريقه غير مبال فسأله
v   هلكت أحذيتنا من وعورة دربنا.. أما لنا عليها من سبيل لاصلاحها ؟؟
·       و ما لى بها، لا يعنينا اصلاحها.
v   كيف ذلك؟ و من يصلحها اذا؟
·       و لم أصلحها..هكذا وجدتها.. و سار عليها قبلى السلف.. فلو كان من شأنها الاصلاح لأصلحوها.
v   لست مجبرا على السير عليها هكذا لنهم ساروا عليها قبلى خانعين.
·       أخى.. لن تستطيع.
v   بلى.. أستطيع.
·       أنت تحدث جلبة دون جدوى..
v   سنرى..
·       أنت وحدك..
v   لا يا أخى...فهناك الكثير ممن لم يضربهم الطبيب ليتنفسوا.
·       ماذا..لا أفهم.
v   و كيف لك أن تفهم.
·       يا ويلتى... اختل عقلك.
v   أو أنا من اختل عقله لأنه يريد اصلاح وعورة الطريق.
·       مهلا..مهلا..ماذا أنت بفاعل؟.. أنت تخرب الطريق.
v   بل أصلحه.
·       كيف تصلحه و قد جعلتنى غير قادر على السير فيه؟..انه أكثر وعورة و ملىء بالحفر.
v   لابد لى أن أظهر الحفر التى به لآبدأ باصلاحها.
·       انظر الآن ماذا فعلت. أليس هذا رفيقك الذى بالحفرة التى بجانبك.
v   نعم هو..فقد سقط بالحفرة أثناء عمليات الاصلاح. لذا اختفت واحدة من الحفر بعد أن ملأ فراغها بجسده و لم يصبح لها وجود.
·       ياللهول لم اكن أعلم ان لك قلبا بهذه القسوة..أنت بلطجى يسير على جثث رفاقه.
v   بلطجى.. بلطجى..منذ متى و أصبحت بلطجيا. و أنا من كان طوال رحلتنا يساندك و يساعدك على تخطى العقبات.
·       أنت مخرب و لولاك ما شاعت كل هذه الفوضى.. فالطريق الأن خرب لا أحد يستطيع السير فيه و ملىء بالجثث.. كيف سولت لك نفسك أن تفعل هذا.. انا و ربى أبرياء منك و من أفعالك.. و من دفعك لفعل ذلك.. ان لم تعد لصوابك فسأكون انا من يضرب عنقك.
v   تضرب عنقى !!!!!!.........و لكن ليس الذنب ذنبى...افتح عينيك لترى الحقيقة..فمن يسقينا الويلات هو من حفر الطريق و تركنا نتعثر فى وعورته.
·       اصمت...
v   و كيف لى أن أصمت.. و قد ولدت صارخا.
·       هكذا الأمر اذا.. انه ذلك الطبيب الذى يدفعنا للصراخ فى مهدنا.. تبا له و لك.
v   لا لم يضربنى أحد لأصرخ..بل كانت صرختى أنا.
·       و من يدافع عنه سواك. انظر للحقائق.. فهو يحاكم الآن على فعلته.
v   يحاكم على ماذا.. انه يضرب الأطفال ليساعدهم على التنف.......
·       هذا ما دس بك وسطنا لتروج له بشائعاتك.. يجب أن تغير من قناعاتك تلك و الا ضربت عنقك.
v   لا ..
·       ماذا!!!!!!!!!!!
v      أقولها لك عاليا و رأسى قبل السماء و قلبى قبل عينايا معلق بالأفق. أقولها لك لا ........لا للتغيير.




نوبى على الشاشة




أسمر البشرة .. أبيض القلب .. خفيف الدم ..

هكذا يمكنك رؤية "النوبى" على شاشة السينما ثم التليفزيون لاحقا على مدار مشوار السينما و التليفزيون المصريين دون أن تحاول تلك الأعمال التعمق بشكل أكبر فى شخصية الانسان النوبى أو تقترب من البيئة النوبية ذات الموروثات الخاصة الشديدة الخصوصية .
ربما بدأ الأمر كله بالفنان (على الكسار) الذى يعتبر من أوائل من قدم شخصية النوبى على المسرح المصرى حينما ابتدع شخصية الرجل النوبى البسيط طيب القلب سليم الطوية "عثمان عبد الباسط " الذى يقوم بالأعمال البسيطة و له لكنة خاصة و طريقة مميزة فى الكلام نقلها بعد ذلك إلى عالم الشاشة الفضية فى أفلام مثل "سلفنى 3 جنيه" "على بابا و الأربعين حرامى" و " ألف ليلة و ليلة" و لا ننكر أننا عشقنا الرجل و ضحكنا من قلوبنا معه و مع خفة دمه دون أن نتلمس أبعاد أخرى لشخصية النوبى البسيطة التى قدمها الكسار فى أعماله .
كان الكسار هو الوحيد الذى قدم النوبى كبطل للعمل بعدها لم تكن تستطيع أن ترى النوبى فى سينما الأبيض و الأسود سوى كشخصية ثانوية تقوم بالأعمال البسيطة كالخادم و السفرجى و البواب و هكذا تم تنميط شخصية الانسان النوبى فى السينما عبر عقودها الطويلة دون أن تحاول أن تقدم الانسان النوبى بشكل مغاير أو أكثر عمقا أو تبحث له عن دور مختلف فى المجتمع و لكن رغم ذلك استطاع بعض الممثلين ذوى الحضور الخاص فى فرض نفسه على الشاشة رغم بساطة الدور الذى يقدمه ليسطع وسط النجوم بدوره البسيط كبواب أو سفرجى ، هل يمكن أن ننسى الفنان " محمد كامل" الذى ربما لا يعرف أحدنا اسمه الحقيقى و الذى اشتهر فى أفلام الأبيض و الأسود بدور "عم ادريس" و الذى استطاع بخفة دمه و حضوره أن يفرض وجوده بجانب النجوم مثل شادية و صباح و غيرها ، السفرجى و البواب كانتا حكرا على الرجل النوبى تقريبا فى كل أفلام ما قبل 1952 ، هل كان ذلك مجرد تنميطا للسينما أم هو تمثيلا للطبقية الموجوة قبل الثورة و تهميش بعض الطبقات المكونة للشعب المصرى ، و السؤال الأهم لماذا لم يتغير ذلك لاحقا بعض تغير المناخ فى مصر بعض ثورة 1952 ؟
كل ما تستطيع أن تستنبطه من سمات شخصية الانسان النوبى من خلال كل تلك الأعمال السينمائية أن النوبى رغم سمارة بشرته إلا أنه شديد الطيبة و النقاء أبيض القلب ، خفيف الدم ، و الوفاء و الأمانة من أهم طباعه الخاصة التى تكاد تميزه عن الباقيين و ليس له فى الخبث أو الالتواء ، هكذا شاهدنا الانسان النوبى من عثمان عبد الباسط الى عم ادريس و استمر نفس النمط عبر الأعمال التالية دون أى تغيير يذكر و دون الاقتراب من البيئة النوبية نفسها إلا نادرا ، هنا نذكر أحد الأفلام النادرة التى حاولت الاقتراب من البيئة النوبية نفسها و لكن بشكل شديد السطحية و من خلال الاطار الكوميدى التقليدى فى فيلم " الحقيقة العارية" لايهاب نافع و ماجدة و الذى تدور أحداثه خلال بناء السد العالى فنرى شخصية الفنان "عبد المنعم ابرهيم" عندما ترسو السفينة النيلية بجانب احدى القرى النوبية فيفتن الرجل بفتاة نوبية و يتزوجها هنا نرى من بعيد إشارة إلى خصوصية الحياة فى القرى النوبية و إلى وجود عادات خاصة دون أن يقترب العمل منها بل اكتفى كالعادة بالاشارة للنوبى باللغة الغير مفهومة و الجلباب الأبيض فى اشارة نمطية لطيبة القلب.

هل يمكن التحدث أعمال نادرة تقدم لنا بيئة خاصة تنتمى الى جنوب الصعيد مثل أفلام "الطوق و الأسورة" و " فى العشق و السفر" و "عرق البلح " أعمال تنتمى الى عالم النوبة أم أنها تتحدث عن عوالم أخرى مهمشة و لكنها تختلف عن النوبة بما تحمل من مفردات أخرى خاصة سواء فى تركيبة الشخصيات أو فى البيئة و العادات و الموروثات ، تتحدث تلك الأعمال عن قرى بعيدة عن المدنية و هى فى الأغلب قرى تنتمى الى جنوب الصعيد الجوانى و ليس إلى النوبة .

نصل هنا إلى نفس النتيجة التى بدأنا بها و هى تقديم السينما لشخصية النوبى بنفس الشكل النمطى و التهميش الذى ربما لم يكن من نصيب النوبة فقط بل هو من نصيب العديد من المجتمعات المصرية الخاصة البعيدة عن بؤرة اهتمام السينمائى التجارى التقليدى كما هى بعيدة أيضا عن بؤرة اهتمام الثقافة المصرية الرسمية عبر العصور المختلفة نتيجة تهميش من الإرادة السياسية عبر الأنظمة المختلفة فنفس التهميش يمكنك أن تراه نحو البدو و السيناوية و عرب مطروح و الصعيد بشكل عام و الصيادين و السواحلية فإما تم تنميطهم أو تهميشهم بشكل عام ، وينتقل الداء هنا من السينما للتليفزيون بعدها فلا يمكنك أن تذكر النوبى بشكل مختلف عبر الدراما المصرية فهو كالعادة فى نفس الأدوار التى تم حبسه فيها فى السينما ، هنا نتذكر بشكل قوى الممثل الجميل "محمد الأدندانى" الذى قدم كالعادة أدوار البواب و السفرجى فى السينما و التليفزيون بالشكل الخفيف الظل المعتاد كما فى "حكايات ميزو" و "البيه البواب" و مسرحية"عش المجانين".

لم تحاول السينما و لا التليفزيون أبدا الاقتراب من البيئة النوبية و لا تقديم عملا فنيا خالصا يعتمد فى أبطاله على النوبيين أو تدور أحداثه فى النوبة أو أسوان و لم تحاول الخروج بالانسان النوبى من التنميط و التهميش فتقدمه لنا طبيبا أو مهندسا أو غير ذلك من الأعمال المختلفة ، كما لم تجرب مرة استغلال الأدب النوبى و تقديمه على الشاشة ، و حتى لم تحاول استغلال الموسيقى النوبية بشكل ما فى أعمالها رغم استطاعة عملاق مثل " أحمد منيب" من تقريب الايقاع و الموسيقى النوبية إلى عموم المصريين سواء من خلال المطرب النوبى محمد منير أو مطربين آخرين مثل علاء عبد الخالق ، لم تستطع تلك النوعية من الموسيقى أن تتسلل إلى الشاشة رغم حملها لحالة خاصة من الفلسفةو الشجن.
و عبر التليفزيون كان هناك إطلالة جديدة للجنوب عبر قناة أرضية خاصة هى "القناة الثامنة" استطاعت رغم ضآلة الامكانيات المادية أن تطل برأسها لتكون نافذة لهذا الجنوب المهمش من الوطن سواء جنوب الصعيد أو النوبة و رأينا لأول مرة المذيع و المذيعة السمراوين يقدمان بيئتهما الخاصة و من خلال بعض البرامج التى تقترب من التسجيلية أمكن للبعض أن يرى ما لم تقدمه السينما و التليفزيون بالشكل التقليدى و لكن لم تلبث أن سقطت الأرضيات بهجوم الفضائيات لتختفى القنوات المحلية ثانية و من بينها "الثامنة" نافذة الجنوب.

خلاصة القول أنك إن أحببت أن ترى النوبة فلا يمكنك أن تراها عبر الشاشة التى لم تقدم الواقع اليومى الذى يعيشه أهل النوبة البقعة الجميلة من جنوب الوطن ، و ما زال هناك الكثير من الكنوز التى يمكن تقديمها عن هذا العالم بما له من خصائص فقط تنتظر الفنان الحقيقى الذى يقترب منها ، أما بالنسبة للانسان النوبى فلن ترى سوى إنسان " أسمر البشرة .. أبيض القلب .. خفيف الدم.."


د. محمد محمود مقبل
طبيب و غاوى فن

رساله من خارج الوادي



  • اخواني أبناء نوبة مصر
    هذه رساله أبعثها اليكم من شاب من أبناء سيناء, لن أدعي أنني من أبناء الباديه ولكني من الحضر الذين يسكنون في مدينة العريش عاصمة شمال سيناء وأكبر مدن سيناء والتي تنعم بحياه أكرم آلاف المرات من حياة الباديه القفره , تعجبت كثيرا عندما كنت أتحدث مع احدى الزميلات الفضليات والتي تنتمي لبلاد النوبه عندما أخبرتني ان هناك من شعب مصر من يتهكم على أهل النوبه ويهزأ بهم كأن يسألهم لماذا لا تتحدثون مثل بكار او هل تلبسون الرش في النوبه وما الى ذلك, وكان تعجبي لاننا اعتدنا ان أصدقاءنا من النوبه دائما ما يكونون مثالا يضرب للطيبه والأخلاق الحميده, ولأني حقيقة لم أشهد مثل تلك التراهات من أشخاص أقل ما يقال عنهم أنهم جهله ولن أستفيض في وصفهم , ولكن أعزائي كما يقول المثل " اللي يشوف مصيبة الناس تهون عليه بلوته " فاذا كنتم تحنون لبلادكم اللتي تنتمون لها فنحن بدأنا نكره بلادنا التي ننتسب لها , فهنا في سيناء لن نجد مجرد التهميش والاستهزاء ولكننا نعاني طيلة الوقت من الاتهام بالخيانه للوطن , فكم تكلم الكثير ممن يتظاهرون انهم يشعرون بأنهم مواطنون درجه ثانيه ولكني أقول لهم عفوا أنتم لا تعلمون معنى مواطن درجة ثانيه , فذلك هو ما نشعر به نحن هنا من الاضطهاد وليس مجرد التهميش , ففي حين كان أبي أحد أعضاء جماعة فدائيه في وقت الاحتلال وحاولت القوات الاسرائيليه القبض عليه الا انه استطاع الهرب منهم والا كان أسيرا لدى الصهاينه حتى الان وفين حين أن خالي أستشهد في حرب الاستنزاف عند تجنيده بالقوات المسلحه في العام 1971 أتهم أنا حاليا في أي مكان أذهب اليه أنني عميل لليهود وليس لي حقوق المواطنون المصريون , وهذا ما فعله بنا النظام البائد عمدا لكي لاتنموا بداخلنا المشاعر الوطنيه فلا ننتمي للوطن فلا نهدد أمن حلافائهم في الحدود الشرقيه فاذا أصبحنا مصريين وطنيين وهو ما يهدد أصدقائهم فوصلنا لدرجة أنني عندما ألتحقت بكلية الطب والتي يقال عنها أنها كلية القمه وأن روادها هم صفوة مثقفي المجتمع وأكثر تفوقا أجد أحد زملائي عندما يعلم أني من العريش يسألني هما " هيه فين العريش دي؟ " وعلى الرغم أنه من صعيد مصر وبلدته تبعد عن القاهره حوالي 300 كلم والعريش تبعد عن القاهره 320 كلم ومع ذلك أصبحنا نكره لايعلم عنا أحد لأننا لو علم طريقنا لهب شباب أمتنا لنصرة الأقصى فتم تهميشنا وابعادنا عن الأضواء تماما , وكان ولازال السؤال الاشهر دائما أينما ذهبنا " هوه انتوا ساكنين في خيام وكده يعني ؟ " ودائما يكون ردنا " أيوه انا ساكن في خيمة ايجار جديد وكل يوم بأصحى الصبح أرعى الغنم والماعز وأحلبها وأفطر , هوه انت ماشفتش الناقه المرسيدس المربوطه على باب الكليه ؟ " ولكم أن تتخيلوا أعزائي مدى المعاناه التي نواجهها في أي مصلحه حكوميه فعندما اردنا اخراج بطاقة الرقم القومي كان علينا أن ننتظر أكثر من شهر ونصف حتى يتم ارسال أسماءنا وأوراقنا للقاهره للكشف عما اذا كنا نحمل الجنسيه المصريه ام لا, نعم لا تتعجب فمن يحمل بعض أسماء العائلات هنا وأراد استخراج بطاقه أو جواز سفر يجب أن يحضر ما يثبت أنه مصري من أوراق خاصه تحضر من مكان ما بالقاهره لا أعمله صراحة , وبالتالي كان من الطبيعي أن يسألني من يعلم أني من العريش " يعني مصري ولا فلسطيني؟ ", كذلك عزيري النوبي مما نتعرض له من اضطهاد أنني عندما أسافر بسيارتي التي تحمل أرقام ملاكي شمال سيناء فأنه يتم تفتيش السياره تفتيشا دقيقا في حين تعبر باقي السيارات دون تفتيشها, كذلك اذا حدث تصادم بيني وبين سياره أخرى في القاهره مثلا او أي محافظه أخرى فانه يتقرر فورا اني أنا المخطئ دون حتى السؤال عما حدث , وفي كل عام نرى ذلك المشهد المحزن الذي يعصر قلوبنا حين ينهي أبناءنا الدراسه الثانويه وعيونهم يملأها الأمل في أن يصبحوا ضباط بالشرطه أو الحربيه ليخدموا أوطانهم فلا يستطيع أهلهم معارضتهم ويتركوهم ليصطدموا بالواقع حين يبلغونهم في كشف الهيئه أنهم مرفوضون لأنهم من أبناء سيناء , ناهيك عن عدم وجود الخدمات والمرافق الهامه فنحن في بلاد سياحيه الا أننا لا نجد المياه العذبه للشرب سوا مره واحده اسبوعيا لمدة ساعه او اثنين مما يضطرنا لتخزين مياه الشرب ومن تفوته الفرصه " يشرب من البحر " وحتى المياه الغير عذبه تاتي يوميا لمدة ساعه واحده قد تكفي لملأ خزانات المياه وقد لا تكفي.
                                                           
    ان سيناء من الممكن ان تكون مصدر ثراء مصر ففيها من الثروات ما يكفي لان تصبح مصر من أغنى دول العالم دون مبالغه , فعوضا عن البترول وقناة السويس التي تمر بأرضها , هناك الشواطئ الممتده لمئات الكيلومترات فلا نجد أي استغلال لها على الرغم من أنها أضل مئات المرات من شواطئ الساحل الشمالي وكذلك اقرب منها كثيرا , كذلك هناك جبال من المعادن والجرانيت والأحجار الكريمه تحتاج فقط لمن يقطعها أجزاءا ويبيعها بالمليارات دون تعب, كما نملك انقى جرانيت في العالم لا يحتاح لمعالجه وانما يقطع اجزاء ويستخدم مباشرة , وكذلك نملك الرمال السوداء التي يتم صنع انقى الزجاج منها والتي يتم تديرها بأبخس الاسعار ليتم اعادة استيراده زجاجا بأضعاف أضعاف ثمن تصديره, ولا ننسى أن نذكر ترعة السلام التي لو صرف عليها ربع ما صرف على مشروع توشكى الفاشل لكفتنا بانتاجها عن استيراد القمح ولصدرنا العديد من الفواكه للعالم .

    سمعنا كثيرا عن مشاريع تنمية سيناء الا اننا لا نشعر بأي مشروع على أرض الواقع وكما قلنا انهم لم يكونوا يريدون أن نتقدم فنصبح جهه جاذبه للعماله فيزيد أعداد المصريين بسيناء فيهددوا أصدقاءهم في الشرق, ولوا مكاننا الحساس لقاموا بتهجيرنا رسميا كما فعلوها معكم , ولكنهم يبذلون قصارى جهدهم ليكرهونا في بلادا ونهجرها و يمنعوا الوافدين من الاستقرار بها .

    اخواني قد لا تتسع السطور لاسرد لكم قصص معاناتنا هنا ولكن أرجو أن أكون قد أوصلت لكم أننا جميعا من أبناء المحافظات خارج الوادي وعند الحدود نعاني من اضطهاد الحكومات لنا ومحاولة محو هوياتنا ليتمكنوا من فرض سيطرتهم على بلادنا دون عناء لخدمة مصالحهم الشخصيه ومصلحة حلفاءهم , أرجو لكم التوفيق في كفاحكم ومستقبل أفضل لموطننا مصر ,ومعكم قلبا وقالبا.

    د. حسام عبيد
     مدينة العريش

الجمعة، 13 أبريل 2012

النوبيون ...يلبسون الريش

النوبيون ...يلبسون الريش
عذراً..
قبل أن يبدأ أحد بتوجيه السباب لى، زوروا أسطرى القليلة لتعرفوا ما قصة الريش

كانت تلك كلمات طالبة جامعية عندما علمت بأنى نوبية. فسرعان ما بادرت بسؤالى و لماذا لا تلبسين الريش مثلهم؟ فأجبت بسؤالها و هل يلبس النوبيون الريش؟ فقالت نعم. فما كان منى سوى الرد ب: ما سمعنا به فى الأولين، فنحن عادة ما نلبس جلود النمور و التماسيح.

و لم تكن تلك هى المرة الاولى و الأخيرة التى أواجه هذا الجهل القومى الذى أخجل أن أكتب عنه. فهذا طبيب يعمل معى اذا به ينهار فى هيستيريا من الضحك عند معرفته بأنى نوبية. و عندما توقف عن الضحك حاولت معرفة السبب فلم يجد كلمات للرد على تساؤلى. ربما لاحساسه بخطئه و لكنه استطرد حديثه و يا ليته لم يفعل. سألنى كيف أكون نوبية و أنا لست أتحدث مثل بكار" الذى لا يتحدث النوبية من الأساس" و هو سؤال يتكرر أيضا من كل من يعرف أنى نوبية. فما كان منى سوى أن أشرح له من هم النوبييون و ما هى لغتهم، ليأتينى الجواب مصحوبا اما بعلامات الدهشة او الضحك الهستيرى مجدداً.

و مع تكرار المشهد بت أسأم من نفسى و أنا أتجاهل جهلهم و تجاهلهم، بل و انهم يتجاوزون ذلك الشعور و يمرون عليه مرور الكرام فلا تأخذهم الحمية الوطنية الى الاستكشاف و المعرفة. و كيف لا؟ فاين كانت تلك التساؤلات عند سمعاعهم مطربهم المفضل محمد منير يلقى على آذانهم بكلمات لغة غير مفهومة لأى منهم؟ و هل سألوا أنفسهم يوماً عندما كانوا يمجدون السد العالى أين ذهب أولئك البشر الذين كانوا على ضفاف النيل.
لقد لعبت الحكومات المتعاقبة لعبة الأستغماية مع النوبة، فمحتها أولا جغرافياً ثم محتها تاريخاً و ثقافياً و حضارياً.حتى أصبحنا فى عيون بنى وطننا كائنات فضائية غزت مصر فى حقبة من حقب الزمن و استطعنا و المصريون التعايش سلميا على ضفاف النيل..... و بالطبع نلبس الريش.

يا شعباً بكى لاغتصاب سيناء، أين انتم من نوبتكم التى اغتصبها منكم من هم منكم؟