الأحد، 15 أبريل 2012

لا للتغيير

لا للتغيير

ركن الدمى فى محل الألعاب طالما جذبنا صغارا و كبارا فملكناها و تملكناها، و بعد حين يهملها الكبار كما حطموها صغارا؛ دون أن تترك انطباعا داخلنا. فهى على تباينها لا روح لها، ما يميزنا عنها، تلك الروح التى نعيش بها .
 و لكن.. أنعيش داخل أرواحنا.. أم تعيش أرواحنا فينا.
فكل منا يمر بدروبه الخاصة خلال رحلته. تلك الدروب التى تتشكل تبعا لخصائصه الجينية و البيئية و النفسية و ما الى ذلك. فتجدنا نتباين فى وضعنا داخل أرحام أمهاتنا فقد يخرج هذا أو ذاك عن المألوف. و حتى استجاباتنا للمؤثرات الخارجية نختلف فيها. و لكن ما نتفق عليه هو أننا لا نسمح لكائن ما كان أن يفرض علينا ما لا نريد مرغمين، و لا نكيل مكيالا بميزانين؛ و انما تبقى بساطة حياتنا داخل هذا المجتمع النقى لأن أرواحنا لم تكن قد تلوثت بعد.
و تنتهى تلك المرحلة من الرحلة لنجد أنفسنا نعبر من ذلك الممر الضيق حتى نكاد نظن أننا لن نخرج منه أبدا غير مدركين.. ماذا يحدث..
 و ما هذا الزلزال ..
 و اذ فجأة..
ماذا؟.. ما هذا؟.. أين أنا؟
و أين ذلك الماء الذى كنت أعيش فيه؟ من سلبه منى؟
و ما هذا الوسط الغريب؟
و من ثم يزأر ذلك المخلوق الضعيف.. انها أولى صرخاته.. صرخة الاعتراض التى تجعله يبدأ عملية التنفس.. تنفس الهواء الذى لن يستطيع العيش بدونه و لو لدقائق معدودة.
لقد اعترض صارخا على اجباره على الخروج من بيئته التى عهدها و انتزاعها منه بكل ما حوت من دفء الموطن الى بيئة جديدة لا يعرفها دون اعلامه مسبقا و دون رغبته؛ لتتناوله يد لا يعرف لمن هى و ما هى فاعلة به؛ لتناوله بدورها ليد أخرى لا يعرفها أيضا لتضعه على طاولة غريبة لتبدأ الاعتناء به.
و يتساءل أين أخى.. لقد كان معى طوال الوقت.. ترى هل أصابه مكروه خلال هذا الحادث.. ألا يجيبنى احد.
و ما هى سوى دقائق حتى يظهر.. فينظر اليه بعين اللهفة وينتظره ليصرخ تأييدا له فى الاعتراض على ما أصابهما.. فلم يجد منه سوى الصمت.. فقط الصمت.. و لا تظهر عليه ملامح الحياة.. و قبل ان يأتى بأى سؤال.. يجد يد الطبيب تضرب على مقعدة أخيه ليطلق صرخة واحدة تمرر الهواء عبر صدره لتعيد اليه مظاهر الحياة؛ التى لولا صرخته لما كان لها وجود.
أويموت الانسان فى أولى لحظات عمره فقط لأنه لم يهب صارخا لسلب ارادته؟
و لم توانى فى صرخته حتى اجبره عليها أحد خاضعا له؟
و تمضى الايام و لا يجد اجابات للتساؤلات التى تدور فى راسه منذ ان ولد ، حتى عازها الى فقد اخيه لنعمة النطق؛ فهو لم يسمعه ينطق طوال الوقت؛ لا فى المدرسة، و لا فى الحافلة، و لا أثناء لعبهما. حتى أتى ذلك اليوم و هما يتسابقان على الرمال حتى البحرو هو رافع رأسه يتطلع للأفق.. لما وراء البحر.. و أخاه يجرى و رأسه لأسفل ناظرا لما تطأ قدماه. فتعجب و لكنه استمر فى اللعب حتى استوقفه صوت غريب لم يسمعه من قبل ليلقى عليه ما لا تطيب له أذناه ناهيا اياه عن التطلع لما لا تصل ايه قدماه............
·       أنزل عيناك اخى فما فى الأفق سوى السراب و ستظل تمنى نفسك به دون جدوى.
فثغر فاه.. و تسمر فى مكانه..
v   ماذا؟؟؟؟؟؟...ألست اخرس؟؟؟؟؟
·       لا... من قال هذا
v   عشت معك طوال حياتى و لم أسمعك تقول شيئا.. و لمَ لم تتكلم من قبل؟
عندئذ قطع حذاء أخيه من حجر تعثر فيه، فأكمل طريقه غير مبال فسأله
v   هلكت أحذيتنا من وعورة دربنا.. أما لنا عليها من سبيل لاصلاحها ؟؟
·       و ما لى بها، لا يعنينا اصلاحها.
v   كيف ذلك؟ و من يصلحها اذا؟
·       و لم أصلحها..هكذا وجدتها.. و سار عليها قبلى السلف.. فلو كان من شأنها الاصلاح لأصلحوها.
v   لست مجبرا على السير عليها هكذا لنهم ساروا عليها قبلى خانعين.
·       أخى.. لن تستطيع.
v   بلى.. أستطيع.
·       أنت تحدث جلبة دون جدوى..
v   سنرى..
·       أنت وحدك..
v   لا يا أخى...فهناك الكثير ممن لم يضربهم الطبيب ليتنفسوا.
·       ماذا..لا أفهم.
v   و كيف لك أن تفهم.
·       يا ويلتى... اختل عقلك.
v   أو أنا من اختل عقله لأنه يريد اصلاح وعورة الطريق.
·       مهلا..مهلا..ماذا أنت بفاعل؟.. أنت تخرب الطريق.
v   بل أصلحه.
·       كيف تصلحه و قد جعلتنى غير قادر على السير فيه؟..انه أكثر وعورة و ملىء بالحفر.
v   لابد لى أن أظهر الحفر التى به لآبدأ باصلاحها.
·       انظر الآن ماذا فعلت. أليس هذا رفيقك الذى بالحفرة التى بجانبك.
v   نعم هو..فقد سقط بالحفرة أثناء عمليات الاصلاح. لذا اختفت واحدة من الحفر بعد أن ملأ فراغها بجسده و لم يصبح لها وجود.
·       ياللهول لم اكن أعلم ان لك قلبا بهذه القسوة..أنت بلطجى يسير على جثث رفاقه.
v   بلطجى.. بلطجى..منذ متى و أصبحت بلطجيا. و أنا من كان طوال رحلتنا يساندك و يساعدك على تخطى العقبات.
·       أنت مخرب و لولاك ما شاعت كل هذه الفوضى.. فالطريق الأن خرب لا أحد يستطيع السير فيه و ملىء بالجثث.. كيف سولت لك نفسك أن تفعل هذا.. انا و ربى أبرياء منك و من أفعالك.. و من دفعك لفعل ذلك.. ان لم تعد لصوابك فسأكون انا من يضرب عنقك.
v   تضرب عنقى !!!!!!.........و لكن ليس الذنب ذنبى...افتح عينيك لترى الحقيقة..فمن يسقينا الويلات هو من حفر الطريق و تركنا نتعثر فى وعورته.
·       اصمت...
v   و كيف لى أن أصمت.. و قد ولدت صارخا.
·       هكذا الأمر اذا.. انه ذلك الطبيب الذى يدفعنا للصراخ فى مهدنا.. تبا له و لك.
v   لا لم يضربنى أحد لأصرخ..بل كانت صرختى أنا.
·       و من يدافع عنه سواك. انظر للحقائق.. فهو يحاكم الآن على فعلته.
v   يحاكم على ماذا.. انه يضرب الأطفال ليساعدهم على التنف.......
·       هذا ما دس بك وسطنا لتروج له بشائعاتك.. يجب أن تغير من قناعاتك تلك و الا ضربت عنقك.
v   لا ..
·       ماذا!!!!!!!!!!!
v      أقولها لك عاليا و رأسى قبل السماء و قلبى قبل عينايا معلق بالأفق. أقولها لك لا ........لا للتغيير.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق